هل للموت درجات ... ومرات ومرارة بمرات...
وهل للحياة ممرات , وسراديب مقفلة معتمة , وأخرى مضيئة بالأمل مفعمة ...
وكيف يمكن للموت أن يلتقي بحياة فقدت معاني الحياة, وماتت على صخور الآلام بصمت مطبق...
وهل هناك أشرعة تتسع لمساحات من البوح , على ورقة شجرة عائمة فوق محيط بخليط هائم نائم قائم ...
هل هناك قدرة للكلمات أن تعبر عن مقادير أحزاننا, التي تمزق كياننا لآلاف الأشلاء المفتتة, بألوان قاتمة مؤلمة موجعة, للقلب موهنة مفجعة...
هل للصمت وجوه واجمة وأخرى حائرة من التعجب خائرة قابعة ...
لماذا تلتزم الدموع الصمت, وتقف عاجزة بعيون باكية دامعة, بآهات للخيبة حارقة مارقة...
ماذا تعني قناديل الذكريات المعلقة, بذلك الطائر الصغير, على تلك الشجرة عندما تغطيها ثلوج فوقها ثلوج,
وتتشكل قوالب متجمدة بقوالب صاعقة ساحقة متجددة...
نفق طويل جدا , معتم شديد الظلمات , تتخلله بعض الأنوار الخافتة بضبابية شديدة ,
موصولة بجسر مرتفع جدا بمحاذاة الغيوم ,
وعلى جانبيه ورود فريدة , وأزهار غريبة ...
وبنهاية ذلك الجسر حدائق معلقة من الياسمين والريحان والزنبق, يفصلها ستار شفاف بنهاية المطاف,
كأنه مدخل لجنة المشتاق...
هل نصل لنهاية المطاق أم تنزلق أقدامنا لمستنقع وحل, ليبتلعنا ويبتلع كل ذكرياتنا,
وتطمره غبار مبللة من غيوم متعددة,
مهما قصرت أو طالت ستنقشع وتذهب لحظائر متنقلة,
وستبقى بلا اسم أو عنوان...
لست أدري ... لعل هناك عوالم لها جاذبية تفوق سمو الروح وخلجات عيون القلب,
ولكنها تبقى عوالم أرضية تحكمها الغرائز والحاجات الدنيوية, لعلها ملاذ بأجنحة...
ولكنها ستبقى مكسرة لا تملك القدرة على التحليق بسمو ورقي وشفافية صادقة...
وعندما تقع ستكون وقعتها هاوية ساحقة ماحقة...
سأعيش بعالم الأرواح مع تلك الصورة الرائعة, وسأشعل ما تبقى من شموع قلب بقلبي...
وسأنصهر بتلك الروح الخالدة بروحي ...
وسأترفع عن عالم الضياع ومستنقعات الغربة ...
وسأصل لنهاية الجسر بتصميم وتحدي, وسأخترق جدار الشفافية...
وعندما أصل...
سأغلق النوافذ الدنيوية , وسأوصد بوابات النجوم ...
وسأعيش في أفق شاسع واسع, أكبر من كل مساحات البوح, وأكثر عمقا وهدوءا من البحار مجتمعة.